الغضروف القطني أو ما يُعرف بالانزلاق الغضروفي القطني هو من أكثر الأسباب شيوعًا لآلام أسفل الظهر والساقين، ويؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم. يُعد هذا النوع من الحالات مصدرًا شائعًا للإعاقة المؤقتة أو حتى المزمنة، وهو يصيب الأشخاص في مراحل عمرية مختلفة، خاصة من تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عامًا. في هذه المقالة، سنستعرض بالتفصيل أسباب الإصابة بالغضروف القطني، الأعراض المصاحبة له، طرق التشخيص، والعلاجات المتاحة سواء كانت تحفظية أو جراحية.
ما هو الغضروف القطني؟
العمود الفقري يتكون من فقرات يفصل بينها أقراص غضروفية تُعرف بالغضاريف أو الأقراص بين الفقرية، وتعمل هذه الأقراص كوسائد مرنة تمتص الصدمات. في الفقرات القطنية (الجزء السفلي من الظهر)، يمكن أن يحدث تمزق أو انزلاق في أحد هذه الأقراص، مما يؤدي إلى ضغط على الأعصاب المجاورة، وهو ما يُعرف بالانزلاق الغضروفي القطني.
أسباب الانزلاق الغضروفي القطني
تتعدد الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالغضروف القطني، ومن أهمها:
- التقدم في العمر: تقل مرونة الأقراص الغضروفية مع الوقت، مما يجعلها أكثر عرضة للتمزق.
- رفع الأحمال الثقيلة: القيام بحركات غير صحيحة أثناء رفع الأوزان قد يسبب ضغطًا مفرطًا على الفقرات.
- الجلوس لفترات طويلة: الجلوس الخاطئ أو لفترات طويلة، خاصة دون دعم للظهر، قد يزيد من خطر الإصابة.
- قلة النشاط البدني: ضعف العضلات الداعمة للظهر يزيد من فرصة حدوث الانزلاق الغضروفي.
- الوزن الزائد: السمنة تضاعف الضغط على الفقرات القطنية.
- العوامل الوراثية: قد يكون هناك استعداد وراثي للإصابة بضعف في الأقراص الغضروفية.
أعراض الغضروف القطني
تختلف الأعراض حسب موقع وشدة الانزلاق، ومن أبرز الأعراض:
- آلام حادة أسفل الظهر، قد تمتد إلى الفخذ أو الساق.
- خدر أو تنميل في الساق أو القدم.
- ضعف في العضلات المرتبطة بالعصب المضغوط.
- ألم يزداد مع الجلوس أو العطس أو السعال.
- صعوبة في المشي أو الوقوف لفترات طويلة.
تشخيص الغضروف القطني
يعتمد التشخيص على الفحص السريري والتاريخ المرضي، بالإضافة إلى الفحوصات التالية:
1. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
هو أكثر الفحوصات دقة، حيث يُظهر بوضوح موضع الانزلاق وتأثيره على الأعصاب.
2. الأشعة المقطعية (CT)
تستخدم في بعض الحالات لتقييم الفقرات والغضاريف.
3. الأشعة السينية (X-ray)
لا تُظهر الغضروف نفسه، لكنها تساعد في استبعاد أسباب أخرى للألم مثل الكسور.
4. التخطيط الكهربائي للعضلات (EMG)
يُستخدم لتحديد مدى تأثر الأعصاب ووظائف العضلات.
علاج الغضروف القطني
تنقسم طرق العلاج إلى نوعين رئيسيين: العلاج التحفظي (غير الجراحي) والعلاج الجراحي، ويعتمد اختيار العلاج على شدة الحالة واستجابة المريض.
أولاً: العلاج التحفظي
يُعتبر الخيار الأول في معظم الحالات، ويشمل:
1. الراحة المؤقتة
ينصح بالراحة لمدة يومين إلى ثلاثة فقط، مع تجنب الجلوس الطويل أو الحركات المفاجئة.
2. الأدوية
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الإيبوبروفين لتخفيف الألم والالتهاب.
- مرخيات العضلات لعلاج التشنجات.
- أدوية الأعصاب مثل بريجابالين لعلاج التنميل والألم العصبي.
3. العلاج الطبيعي
يتضمن تمارين تقوية وتمديد العضلات، تحسين وضعية الجسم، واستخدام أجهزة مثل التدفئة أو العلاج بالموجات فوق الصوتية.
4. الحقن الموضعي
حقن الكورتيزون حول العصب المضغوط قد يخفف الألم مؤقتًا.
5. العلاج اليدوي (المعالجة اليدوية والعلاج بتقويم العمود الفقري)
يجب أن يتم على يد متخصص متمرس لتجنب المضاعفات.
ثانياً: العلاج الجراحي
يُوصى به في الحالات التالية:
- عدم تحسن الأعراض بعد 6 أسابيع من العلاج التحفظي.
- وجود ضعف عضلي شديد أو فقدان الإحساس.
- صعوبة في التحكم بالتبول أو التبرز (حالة طارئة).
أشهر أنواع العمليات:
1. استئصال الغضروف القطني (Microdiscectomy)
يتم خلالها إزالة الجزء المنزلق من الغضروف الذي يضغط على العصب.
2. الدمج الفقري (Spinal Fusion)
تُستخدم في الحالات المتقدمة لتثبيت الفقرات معًا بعد إزالة الغضروف.
3. المنظار الجراحي (Endoscopic Discectomy)
عملية طفيفة التوغل تُجرى عبر منظار.
التعافي بعد العلاج
- بعد العلاج التحفظي، يُنصح بالعودة التدريجية للنشاط البدني، مع تقوية عضلات البطن والظهر.
- بعد الجراحة، يحتاج المريض إلى فترة راحة تتراوح بين أسبوعين إلى شهر، تليها جلسات علاج طبيعي.
نصائح للوقاية من الانزلاق الغضروفي القطني
- مارس التمارين الرياضية بانتظام: خاصة تمارين تقوية عضلات الظهر والبطن.
- احرص على الجلوس والوقوف بشكل سليم.
- تجنب رفع الأحمال الثقيلة بطريقة خاطئة.
- حافظ على وزن صحي.
- ابتعد عن التدخين، فهو يؤثر سلبًا على تغذية الغضاريف.
أحدث طرق علاج الغضروف القطني بدون جراحة
بعض المراكز المتخصصة مثل مركز الدكتور هشام العزازي في القاهرة والإسكندرية، تقدّم تقنيات علاجية حديثة مثل:
- التردد الحراري لعلاج التهاب العصب دون تدخل جراحي.
- حقن البلازما (PRP) لتجديد أنسجة الغضروف.
- العلاج بالتردد النبضي لتقليل الالتهاب والألم.
- التحفيز الكهربائي للعصب لعلاج الألم المزمن.
متى تزور الطبيب؟
يُنصح بزيارة الطبيب في الحالات التالية:
- استمرار الألم لأكثر من أسبوعين رغم الراحة.
- وجود خدر أو ضعف في الساق.
- صعوبة التحكم في البول أو البراز.
- ألم شديد يعوق النوم أو الحركة.
الخلاصة
الغضروف القطني من الحالات الشائعة والتي قد تؤثر على جودة حياة المريض بشكل كبير، لكن مع التشخيص السليم واتباع خطة علاجية مناسبة، يمكن للمريض التعافي والعودة إلى حياته الطبيعية. الخيارات متعددة بين العلاج التحفظي أو الجراحي، ويجب أن تُتخذ تحت إشراف طبيب متخصص. ولا ننسى أن الوقاية تبدأ من العادات اليومية الصحية، مثل الحفاظ على الوزن، التمارين المنتظمة، والجلوس بطريقة صحيحة.